Asset Recovery Terminology

دردشة مصطلحيّة بخصوص استرداد الأموال غير المشروعة

مجال استرداد الأموال (المنهوبة) خاصةً ومكافحة الفساد عامةً مجال متطور للغاية، بل ينبغي أن يكون كذلك لسبب بسيط هو أنه لا بد أن يواكب التطور السريع في أساليب الفساد وإخفاء الأموال الناتجة عنه بوسائل مبتكرة للغاية (كالعملات الرقمية). ومن هنا تأتي أهمية مواكبة ذلك المجال في مصطلحاته العربية خاصة مع ما تمر به المنطقة العربية من توترات.

أولًا: أهم مصطلح في هذا المجال هو asset recovery التي درج البعض على ترجمتها (استرداد الأصول)، هكذا بحرفيتها. والحقيقة أنني أترجمها (استرداد الأموال)؛ لأن لفظ الأصول، مصطلح محاسبي محدود، بل إنه يشمل أصنافًا لا ترد في سياق استرداد الأموال، كالشهرة التجارية goodwill. ويُستخدم لفظ assets في هذا المجال مترادفًا مع property بمعناها العام، بل مع money بالغة العمومية، وذلك حسب مناقشتي مع أحد كبار خبراء هذا المجال والمؤلف الرئيسي لدليل استرداد الأموال غير المشروعة المشار إلى ترجمته في منشور سابق. لذلك، أرى أن مصطلح (الأصول) هنا يجانبه الصواب، حتى وإن ورد في الترجمة العربية لاتفاقيات دولية.

ثانيًا: هناك عدد كبير من أنواع الكيانات التي يؤسسها الفاسدون للتستر على أنشطتهم وتمويهها. ومن ذلك shell company التي أترجمها (شركة واجهة)، أي واجهة مشروعة لنشاط غير مشروع؛ وshelf company، التي أترجمها (شركة ورقية جاهزة للبيع)، لأن الفاسد هنا يشتري شركة مؤسسة منذ فترة لا توجد إلا على الأوراق؛ وfictitious company، وأترجمها (شركة وهمية)، أي شركة ليس لها أي وجود. وهناك أيضًا (الكيانات المؤسسة في الخارج) off-shore entities، ولا داعي للبحث عن مصطلح عويص الفهم مقابل هذا المصطلح؛ لأنه لا يعني في هذا السياق سوى أن الفاسد يلجأ إلى تأسيس شركة خارج دائرة الاختصاص التي يُمِارس فيها أنشطته (بنما وجزر العذراء البريطانية والباهاما وغيرها) كي تكون ستارا يمارس خلفه أنشطته غير المشروعة ويشتري باسمها السيارات الفارهة والفيلات وما إلى ذلك. ومن ذلك طبعًا off-shoring أي التأسيس في الخارج ببساطة شديدة. لكن هناك مصطلح يشمل كل تلك الأشكال وغيرها وهو corporate vehicle والذي ترجمته بعد أخذ ورد ومناقشات مع المؤلف بـ (الوسائل المؤسسية). وكنت قد ترجمته من قبل بـ (الحيل المؤسسية)، لكن اتضح لي أنها قد تُستخدم في أغراض مشروعة ولا تقتصر على غاية التحايل.

ثالثًا: هناك كذلك مفهوم جديد هو مفهوم الاستئمان trust والمصطلح ليس من تأليفي، بل سكه مترجمو الأمم المتحدة منذ فترة، وكان المصطلح الذي تناولوه هو trust fund أي صندوق الاستئمان. لكننا هنا نتحدث عن علاقة الاستئمان العامة. ويتفرع منه مصطلحات من قبيل trustee أي (المستأمَن)، وsettlor أي (مؤسس الاستئمان)، ولم أترجمها المستأمِن، كي لا تحدث خلطًا مع المستأمَن. ولما كان الاستئمان يشبه إلى حد ما الوقف في الشريعة الإسلامية (غير أنه يُستخدم لأغراض كثيرة بخلاف الخيري منها)، فهناك trust protector أي (ناظر الاستئمان) المصاغة على غِرار (ناظر الوقف). وهناك أيضًا (المؤتَمن) fiduciary، وهو مفهوم قريب جدًا من المستأمَن. وهناك كذلك (مؤسس الاستئمان الوهمي) dummy settlor.

رابعًا: تنفذ عمليات التتبع بأساليب منها التحرياتintelligence (ولا تُترجم استخبارات طبعًا؛ لأنها تحريات مالية). أما عندما تشير إلى نتاج عملية التحري، فأترجمها (المعلومات المستقصاة) أو ببساطة (معلومات التحريات). وهناك طريقة customer due diligence، ولا تُترجم (العناية الواجبة للعملاء أو بالعملاء) كما قد يتبادر إلى الذهن؛ لأن لها معنى آخر هو (توخي الحذر في التعامل مع العملاء). وهو أسلوب باتت البنوك تتبعه في جميع أنحاء العالم، ويعني الإبلاغ عن أي عملية مشتبه فيها وسؤال العملاء عن مصدر أموالهم (وهو سؤال مستفز بطبيعته). ويرمز لهذا الأسلوب تلطفًا بعبارة know your customer أو (KYC) أي (اعرف عمليك). وهناك أيضًا مصطلح ربما يحدث خلطًا هو asset disclosure/ wealth declaration، ويقابله ببساطة، وكما يُطلق عليه قانونًا (إقرار الذمة المالية).

وهناك كذلك مصطلح مهم هو politically exposed persons أو (PEPs)، وللأسف وردت له عدة ترجمات خاطئة في وثائق منظمات دولية (كالأشخاص المعرضين للخطر سياسيًا)، وهي ترجمة مخالفة للمعنى تمامًا. وكنتُ قد ترجمته (الأشخاص محل التدقيق في ذمتهم المالية بحكم مناصبهم)، لكن وجدت مصطلح (الأشخاص ذوو المخاطر بحكم مناصبهم العامة) في اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة غسل الأموال المصري، فقطعت جهيزة قول كل خطيب.

وأخيرًا، ما سبق مجرد اجتهادات متواضعة قد تخطئ وقد تصيب. وكل شيء نقرَؤه نتعلم منه شيئًا، أما كل شيء نترجمه، فنتعلم منه عدة أشياء.


نُشر هذا المنشور على شبكة التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) في تشرين الأول/ أكتوبر 2017. ويمكن التعليق عليه في شكله الأصلي بالنقر على النص التالي: