من أكثر الأسئلة شيوعا على ألسنة طلاب الترجمة وخريجيها وكثير من ممارسيها سؤالهم عن كيفية التأهل للعمل في مجال الترجمة الشفوية لدى الأمم المتحدة خاصةً.

وقد جاءتني فكرة إجراء هذا الحوار مع صديقي وزميلي العزيز خالد سمرة للإجابة عن تلك الأسئلة؛ لما لمسته فيه من قدرة مهنية على النصح واستعداد تام له رغبةً منه في إفادة أبناء مهنته دون أي مقابل. والأستاذ خالد سمرة يجمع كما هو معروف بين الخبرة في الترجمة التحريرية والفورية والخبرة في تدريسهما في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وقد أسعدني إجراء الحوار معه في جو من الود والألفة، حيث عبر فيه عن آرائه الشخصية دون أن يمثل الأمم المتحدة. وقد وجب التنبيه إلى ذلك لأسباب قانونية بحتة.

ولما كان مصطلح «الترجمة الفورية» هو أكثر المصطلحات استخداما للإشارة إلى «الترجمة الشفوية» بمختلف أنواعها، فقد آثرنا استخدام ذلك المصطلح لما له من شهرة، على أن يفهم أن «الترجمة الفورية» في هذا الحوار تعني «الترجمة الشفوية» ما لم يقتض السياق غير ذلك. والآن إلى الحلقة الأولى من الحوار:

أنا من مواليد مدينة بلقاس بمحافظة الدقهلية. تخرجت في قسم اللغة الإنكليزية بكلية الآداب بجامعة المنصورة عام 1999. والتحقت ببرنامج الترجمة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة لدراسة الترجمة أثناء السنة الثالثة بكلية الآداب. كانت الدراسة في برنامج الترجمة حينئذ متنوعة والمواد الدراسية كثيرة، وهو أمر مهم للغاية في نظري لدارس الترجمة. درست معظم المواد المتاحة التحريرية والفورية؛ فلم أكن في ذلك الوقت قد حددت تخصصي الدقيق بعد. وبعد الانتهاء من الدراسة، كنتُ أنتظر العمل في مجال الترجمة بفارغ الصبر وكنت أتوقع أن تنهال علي عروض العمل وهو ما لم يحدث. فبدأ الإحباط يتسلل إلي. لكنني كنت كلما شعرت بالإحباط، سجلت في مادة دراسية جديدة بالجامعة.

ولأن الطريق لم يكن سهلا للعمل في الترجمة، غيرت المسار قليلا والتحقت بالعمل في إحدى الجامعات الخاصة معيدا في كلية اللغات. وكان ذلك كفيلا بأن يأخذني بعيدا عن مجال الترجمة برمته. ولكن شغفي قادني لاحقا لترك المجال الأكاديمي والتفرغ للترجمة بنوعيها. وشيئا فشيئا تحسنت الأمور، فبدأت التعاون مع أحد مكاتب الترجمة الذي كان يملكه مدرب لي في الجامعة الأمريكية. ومضيت بعدها في العمل في الترجمة التحريرية بطريق العمل الحر. وبعد ذلك، التحقت بقسم الترجمة بالجامعة الأمريكية مدربا.

بدأت علاقتي الأولى بالترجمة الفورية عندما شاركت في نموذج جامعة الدول العربية الذي كانت تستضيفه الجامعة الأمريكية بترشيح من مدربة لي أصبحت زميلتي في المنظمة لاحقا. وكان ذلك تدريبا مهما وتجربة ثرية للغاية. أما العمل الفعلي، فقد ظل شحيحا لا يتعدى أصابع اليد الواحدة طوال 5 سنوات عجاف، إلى أن عرضت علي زميلة كانت تعمل في أحد مراكز الأبحاث في مصر أن أترجم فوريا في فعاليات المركز. ومنذ ذلك الحين، بدأت تتقاطر علي عروض العمل داخل مصر، وتتراكم الخبرات.

وفي عام 2006، أعلن صندوق النقد الدولي عن امتحان الترجمة التحريرية والشفوية. وأنا في الحقيقة لم تكن لدي أدنى خبرة في ترجمة الاقتصاد تحريرياً ناهيك عن الترجمة فيه شفوياً. لكنني أصررت على التقدم، وقلت إن لم أجتز الامتحان، تكفني المحاولة وسأكررها مرة أخرى لاحقا. فانقطعت لدراسة وثائق الصندوق المتاحة على الإنترنت بالمقارنة والتحليل. واجتزت الامتحان بالفعل. وبعده بفترة، جاءني اتصال من رئيسة قسم الترجمة بالصندوق، التي أدين لها بالفضل العظيم، تدعوني فيه إلى العمل في الصندوق لفترة قصيرة مترجما تحريريا. وهنا كانت البداية الحقيقية. تعلمت الكثير والكثير. فصندوق النقد مدرسة ترجمة كبيرة ومختلفة تماما. حيث تعودت على الدقة الشديدة والبحث الدؤوب عن المعلومات. ثم تعاونت مع الصندوق بعد ذلك مترجما فوريا أثناء البعثات القُطْرية وفي المقر.

وفي عام 2009، عُقد امتحان للمترجمين الشفويين غير المتفرغين نظمته الأمم المتحدة. اجتزت الامتحان وبذلك أُدرجت على قائمة المترجمين الشفويين المعتمدين لدى الأمم المتحدة، وهو ما استفدت منه كثيرا في سيرتي الذاتية وإن لم تستدعني المنظمة لأي من فعالياتها إلى أن عُيّنت فيها.

وفي عام 2012، تقدمت لاختبارين متتابعين في الأمم المتحدة وهو امتحان تحرير المحاضر الحرفية وامتحان الأمم المتحدة للمترجمين الشفويين. اجتزت كليهما ولكنني فضلت مجال اهتمامي الأساسي وهو الترجمة الفورية، وعُينت في مكتب الأمم المتحدة بجنيف في سنة 2013 حيث أعمل إلى الآن.

يبدأ الدارس التدرب على الترجمة الفورية بأسلوب الترديد Shadowing أي الاستماع إلى المتحدث بسماعات الأذن، وترديد ما يقوله بلغة المتحدث دون ترجمة. وليس المطلوب أن يردد ما يسمعه حرفيا، كما هو شائع، بل يمكن أن يبدأ في التدرب بأن يقول ما يسمعه مع تعديلات لغوية طفيفة لا تخل بالمعنى؛ لأن ذلك يعوده على مهارة معالجة المعلومة والمرونة الذهنية في وقت مبكر من مرحلة التدريب. ويكون ذلك في اللغتين الأصلية والأجنبية. وللتدريب العملي، يمكن استخدام حلقات فاروق شوشة الإذاعية (لغتنا الجميلة). ويمكن طبعا الاستفادة من المادة الإعلامية التي تقدمها الفضائيات العربية المختلفة كالجزيرة وهيئة الإذاعة البريطانية وغيرهما. أمَّا في اللغة الإنكليزية، فيمكن الاستماع إلى حلقات إذاعة صوت أمريكا Voice of America التي تقدم الأخبار بإنكليزية مقروءة بسرعة بطيئة. والمميز في هذه المنصة أنها توفر نصوصا مكتوبة لتلك الأخبار وغيرها من المواد أيضا. وهذا يتيح فرصة رائعة للمتدربين. ثم ينتقل المتدرب بعد فترة إلى اللغة المنطوقة بالسرعة العادية. ويمكن طبعا الاستماع إلى الإذاعات العالمية عن طريق التكنولوجيا الحديثة مثل تطبيقات الهاتف.

وفي هذه المرحلة، يكون التركيز لا على ترديد المضمون فحسب، بل على ضبط مخارج الحروف في اللغتين وعلى الحركات الإعرابية في اللغة العربية. ويجب أن يركز المتدرب في هذه المرحلة على عدم ارتكاب أخطاء في قواعد اللغة – الأساسية على الأقل.

لنَقُل نصف ساعة يوميا. لكن يجب أن يكون ذلك بوتيرة منتظمة. وعموما، لا بد أن يشغل المتدرب نفسه بالتدريب طوال الوقت سواء وهو طالب أو خريج أو مترجم باستخدام هذا الأسلوب وبغيره.

هناك وجهان لهذا الأسلوب. الأول هو ما يمارسه المتدرب في البداية للتدرب على سرعة التلبية وعلى مخارج الحروف والنطق السليم وعدم ارتكاب أخطاء لغوية. أما الآخر، فهو ما يمكن أن يمارسه طوال حياته المهنية كجزء من تدريبه الشخصي للحفاظ على طلاقته ولياقته الذهنية. هو إذاً جزء من حياة المترجم. وينبغي تقسيم وقت التدريب الأولي هذا إلى جزأين: الترديد، ثم ترجمة جمل بسيطة تزداد تعقيدا بمرور الوقت. وبعد هذه المرحلة، يمكنه أن ينتقل إلى ترجمة النصوص البسيطة إلى اللغة الأخرى. وينبغي دوما أن يُسجِّل المترجم أداءه ويقيمه، وإن كان الأفضل أن يقيّمه مدرب محترف. لكن نصيحتي ألا ينقطع عن أسلوب الترديد، بل يظل جزءا من الوجبة الرئيسية للتدريب اليومي قبل الترجمة. وأنصح أيضا أن ينغمس دوما في الترجمة الفورية في المرحلة الأولى. أنا مثلا كنتُ أشغل نفسي بترجمة حوارات من هم حولي وحتى أثناء خطبة الجمعة، فكنت أترجم ما يقوله الخطيب في ذهني.

الإحباط طبيعي، بل حتمي في هذا المجال. فمهنة المترجم الفوري ليست هينة. المحك دوما هو تحويل إحباطك إلى طاقة إيجابية. فعلى المتدرب ألا يستسلم للإحباط أبدا، وأن يعرف أن أخطاءه الكثيرة ليست مبررا للتوقف بل دافعا لمزيد من التدريب. ومن يستطيع التخلص من شعور الإحباط، هو من سينجح حتما في حياته المهنية.

بعد التدريب على ما سبق لفترة، يُقيّم بعدها المتدرب قدرته على الانتقال من ترجمة تلك المواد البسيطة والمتوسطة التعقيد، حيث يمكن أن ينتقل إلى ترجمة بيانات الأمم المتحدة، أو مثيلاتها، والتي تتفاوت في تعقيدها. وهناك ثروة من المواد المتاحة على الموقع الشبكي للمنظمة وكذلك موقع الاتحاد الأوروبي (باللغات الأجنبية تحديدا). ويمكن الرجوع إلى المحاضر الحرفية/النصوص المكتوبة للكلمات أيضا وخصوصا صفحة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تتاح عليها كل عام بيانات رؤساء الدول مجمّعة في منصة واحدة. وهناك بيانات تكون سرعتها بطيئة ويمكن البدء بها. ففي البداية، يمكن قراءة النص ودراسته جيدا من حيث مصطلحاته ومفرداته وأساليبه، ثم ترجمته فوريا مع تسجيل الترجمة كما ذكرنا. ويستمر هذا التمرين حتى دخول أقرب امتحانات الأمم المتحدة، وبعده في حالة عدم التوفيق. بل إننا نواصل هذه التمارين على سبيل التحضير للعمل. فالترجمة الفورية في رأيي رياضة ذهنية تحتاج إلى التدريب المستمر للحفاظ على اللياقة.

لا توجد طرق بسيطة أو سهلة للتدريب على الترجمة الفورية. فهي بطبيعتها عملية تحتاج إلى صقل المهارات على المدى الطويل، ويقاس فيها التدريب والممارسة بعدد ساعات وأيام العمل، مثلها في ذلك مثل ساعات الطيران التي تحسب للطيار وتحدد خبرته. وكلما زاد التدريب، تحسنت النتائج.

هذه الدورات القصيرة لا تفيد في إكساب المترجم المهارات المطلوبة. وربما تفيد فقط في إعطائه فكرة عن الترجمة الفورية، إن افترضنا كفاءة المدرب. ولا تصلح بالطبع لتحويل مسار من لم يدرس الترجمة ويمارسها إلى هذه المهنة. لأن العبرة كما ذكرنا هي عدد ساعات الممارسة الفعلية. وحلقات/ورش العمل التي تعقدها الأمم المتحدة مثلا في هذا المجال لا تستهدف تعليم الترجمة الفورية، بل إعطاء فكرة عن طبيعة العمل بالمنظمة أو توجيه انتباه الممارسين المحترفين بالفعل إلى فنيات معينة أو تدريبهم تدريبا مكثفا. إذا، هناك عوامل كثيرة تضمن فعالية هذه الدورات هي المدة، واستعداد الدارس ودراسته وخبرته، وكفاءة المدرب -وهذه نقطة بالغة الأهمية- وطبعا التجهيزات التقنية اللازمة للتدريب مثل المعامل. وإذا خلت تلك الدورات من أي مما تقدم، فلن تفيد بكل تأكيد.

أنا ممن يرون أن الترجمة التحريرية تشكل أساسا قويا للترجمة الفورية، لكنني أعرف مترجمين فوريين رائعين لم يمارسوا ولا يمارسون الترجمة التحريرية. هذان مساران ليسا بالضرورة مرتبطين. أنا شخصيا أفضل أن تكون الترجمة التحريرية هي منطلق الترجمة الفورية، لكن لا أقول إن هذا هو الأفضل مطلقا. إذاً، لا يوجد مستوى معين يتوقف عنده المترجم. فإذا رأيت في نفسك القدرة على الترجمة الفورية، يمكنك البدء في التدرب عليها من اليوم الأول، فيسيران بالتوازي في المرحلة الأولى. وإذا وجدت ضالتك في الترجمة التحريرية أكثر من الفورية، أو العكس، فليكن. أمَّا إذا وجدت نفسك قادرا على الطيران بجناحين، فلتفعل. ويصدق ذلك تحديدا على سوق العمل الحر، لأن هذه الازدواجية شائعة فيه. أمَّا في الأمم المتحدة، فتعامل الترجمة التحريرية والفورية كمسارين مختلفين.

[يمكن للقارئ الاطلاع على المقالة التالية في هذا الصدد: فيم أتخصص: الترجمة التحريرية أم الترجمة الشفوية؟]

هناك جامعات موقعة مع الأمم المتحدة مذكرات تفاهم في المنطقة العربية مثل الجامعة الأمريكية بالقاهرة وجامعة عين شمس في مصر، وجامعة القديس يوسف في لبنان. وهناك كذلك معاهد مثل الإيزيت في فرنسا، وجامعات مانشستر وويست مِنستر وليدز في بريطانيا، وجنيف في سويسرا، ومعهد مونتري في الولايات المتحدة (وإن لم أكن واثقا من استمرار برنامج الترجمة العربية فيه حتى الآن)، ومدرسة الملك فهد العليا للترجمة في المغرب. وهذا طبعا على سبيل المثال لا الحصر. والالتحاق بأي منها مفيد بالطبع. لكن الاستفادة الحقيقية تعتمد على جودة البرنامج الدراسي وكفاءة المدرس، وهو ما ينبغي التحقق منه قبل الالتحاق، لأن بعض البرامج تعاني من هجرة المدرسين الأكفاء لها في بعض الأحيان.

ليس بالضرورة؛ فالأمر في نهاية المطاف يعتمد على جدية المتدرب وأدائه وليس على الشهادة. نحن مجالنا عملي. ولكن إذا كنت ستستثمر مالك وجهدك في الحصول على ماجستير، خصوصا لو كانت الجهة التي تمنحه خارج بلدك، وإذا كانت غايتك هي الأمم المتحدة، فربما عليك أن تفكر في أن تستثمر في برنامج تدريب داخلي internship في الأمم المتحدة. علما بأن هذا النوع من التدريب يكون على حساب المتدرب بخلاف التدريب العام traineeship الذي لا يتاح إلا قليلا، والأخير أفضل بكل تأكيد. والتدريب في الأمم المتحدة يعطي المتدرب الخبرة العملية المؤهلة له لاجتياز الامتحان، لكن عليه أن يجتازه في ظل عملية تنافسية في كل الأحوال.

[يمكن للقارئ الاطلاع على إجابة السؤال التالي في هذا الصدد: ما أنجح الطرق في الحصول على فرصة تدريب في مجال الترجمة في الأمم المتحدة؟]

لا، لم أقل ذلك. الدراسة المتقدمة مفيدة بالتأكيد لكن يجب أن يصاحبها التدريب العملي. فعند فرز طلبات القبول في الامتحانات، يفضل خريجو كليات اللغات ومعاهدها طبعا، لكن لا يشترط "دائما" أن يكونوا متخرجين في تلك المؤسسات. أنا شخصيا أعرف مترجمين متميزين جدا لم يحصلوا على شهادة جامعية أولى في الترجمة، لكنهم حصلوا على التدريب المكثف/التعليم المستمر لفترة معقولة، وعملوا لفترات طويلة في المجال وركزوا اهتمامهم على صقل مهاراتهم. وهؤلاء من حيث المبدأ لا تمانع الأمم المتحدة في قبولهم في الامتحان وتعيينهم إذا أدوا أداء حسنا فيه مثلهم مثل خريجي كليات اللغات. ومعاهدها، ولكن ربما كان ذلك في الماضي عندما لم تكن هناك مؤسسات كثيرة متخصصة في تدريب المترجمين الفوريين. فالأفضلية الآن أصبحت لخريجي الترجمة بطبيعة الحال.

القبول لدخول امتحان الأمم المتحدة يستدعي أن يكون لدى المتقدم، في سيرته الذاتية، عدد كبير من أيام العمل المثبتة في الترجمة الفورية. ولئن كان ذلك مفيدا في دخول الامتحان، فهو لا يضمن اجتيازه، لأن النجاح يستلزم التدريب على مواد الأمم المتحدة بمصطلحاتها وأساليبها، ويعتمد على حسن الأداء في الامتحان والمقابلة الشخصية فيما بعد.

يكون غالبا في البيانات العامة. وإن وردت بيانات متخصصة، فإنها تكون بسيطة. فإذا كان هناك بيان اقتصادي مثلا، يكون الاختبار في كيفية تعامل المترجم مع الأرقام وبعض المصطلحات الاقتصادية، بل أحيانا توفر بعض المصطلحات والمختصرات للممتحن قبل الامتحان بدقائق.

لم أشارك في تقييم امتحانات تعيين المترجمين الفوريين في الأمم المتحدة من قبل، ولكني أشارك في وضع وتقييم امتحانات المترجمين غير المتفرغين في مقر عملي. والقاعدة الأساسية هي أن يُستبعد من يرتكب أخطاء متكررة في المعنى أو أخرى لغوية أو يُسقط عناصر مهمة من البيان الواحد إلى جانب عدة معايير أخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر الدقة والسلامة اللغوية والثراء اللغوي والتلقائية والثبات الانفعالي. علما بأن البيان الأول في الامتحان إقصائي، أي أن من لا يجتازه، لا يُنظر في أدائه في بقية الامتحان.

الأصل في المترجم الفوري في الأمم المتحدة إجادته للغته الأصلية قبل اللغة الأجنبية. والمترجم في هذه الحالة يعرّف بأنه «مترجم لغة عربية». ومن أهم الأدوات التي يجب أن تكون لدى المترجم الفوري بوجه عام هي إجادة اللغة العربية، بقواعدها وأساليبها ولفظها، فلا يقبل ولا يعقل أن تجر مرفوعا أو أن تنصب مجرورا، أو أن تقحم تحيزاتك اللغوية باستخدام أنماط تغلب عليها لهجتك المحلية، ولا يصح أن تكون مخارج حروفك مرتبكة، فتنطق التاء طاءً قرب حروف القلقلة على سبيل المثال، أو أن تنطق القاف كالغين. وبعد إجادة اللغة الأصلية تأتي إجادة اللغة الأجنبية التي يترجم منها وإليها. ولا يشترط طبعا أن يجيد المترجم الإنكليزية كأبناء اللغة - وإن كان أمرا محمودا ينبغي أن يسعى إليه المترجم دوما فيميزه دون غيره.

نظريا، لا يوجد مانع. وهناك أمثلة على زملاء أفارقة يعملون مترجمين (وإن كان في غير الأمم المتحدة) وهم ليسوا عربا لكنهم يجيدون اللغة العربية. وعلى كل حال، بافتراض قبول المنظمة لطلب التقدم هذا، يتعين على المتقدم إثبات إجادته التامة للغتين قبل الامتحان وفي أثنائه طبعا. وبالتالي، الأولى أن يركز المترجم على تنمية مهاراته في لغتين أو أكثر بينهم اللغة العربية.

الحوار لم يكتمل بعد. انتظرونا في الحلقة المقبلة.

اقرأ أيضًا