UN Translation in Media

عن أسماء كيانات الأمم المتحدة في وسائل الإعلام

من الأشياء المستفزة لي شخصيا ما أراه من ابتكار وسائل الإعلام أسماءً جديدة وعجيبة لمناصب المسؤولين في الأمم المتحدة وأسماء وكالاتها المتخصصة الكثيرة. مثلا بعضهم يقول «برنامج الغذاء العالمي»، وآخرون يقولون «برنامج التغذية العالمي»، وهناك مَن يقول «برنامج الطعام العالمي»، ناهيك عن الشقلبات العجيبة مثل «البرنامج العالمي للطعام»، والأخطاء المخجلة مثل «برنامج الأغذية العالمية»، وصحيح ذلك كله «برنامج الأغذية العالمي». ومن ذلك أيضا «السكرتير العام للأمم المتحدة» و«المنظمة الأممية» و«هيئة الأمم» و«محكمة الجنايات الدولية» -وكأنها محكمة جنايات جنوب القاهرة مثلا- وصحيحها «المحكمة الجنائية الدولية»! 

 طيب فين المشكلة؟ مش المهم إن الناس فاهمة؟ أنت شاغل نفسك ليه؟ 

شوف يا سيدي ... أولا: الأمم المتحدة تتكلم العربية ومترجموها يبذلون مجهودا كبيرا في ترجمة أسماء تلك الوكالات فضلا على المصطلحات المعقدة والجديدة نظرا إلى التغير السريع في العلوم والمفاهيم. والمنظمة أو بالأحرى المنظومة قد أعطت اسما عربيا لكل ابن من أبنائها. إذا فما الداعي لإعادة تسميته باسم جديد؟ هل من المستساغ أن تسمي ابنتك «منار» فيناديها الناس «فنار» باعتبار أن الاثنين واحد في الآخر، وعلى طريقة "معلش" و"مشي حالك يا عم الحاج" و"مش فارقة كثير" و "ياراجل كبر مخك"؟ 

 ثانيا: اللغة العربية الحديثة تعاني -وربما تكون أكثر لغة تعاني- من الشرذمة المصطلحية أي عدم الاتفاق على مصطلحات موحدة في أي مجال علمي أو غيره بين الدول المتحدثة بها (أو بالأحرى التي تدعي التحدث بها)... فهل نزيد الطين بلّة ونخترع أسماء عربية جديدة لأشياء مسماة رسميا بالفعل؟ 

ثالثا: لم يعد صعبا معرفة أي ترجمة عربية رسمية لأي مسمى...فنقرة على جوجل كفيلة بأن تعرفك أن السيد «أنطونيو غوتيريش» ومن قبله «بان كي مون» (مش «بان جي مون» كما تقول بعض وسائل الإعلام حتى المهنية منها) منصبه «الأمين العام للأمم المتحدة» وليس «السكرتير العام» لها. وكلمة «السكرتير» في العربية الحديثة تذكرنا بمساعد المدير والأشهر منه «السكرتيرة» التي غالبا ما تخطف المدير وتتزوجه في آخر مسلسلاتنا العربية. أما «الأمين العام»، فلفظ رسمي فخم يليق بالمنصب. 

الأمر أصبح وكأن الأمم المتحدة تُعرّب وثائقها ومواقعها العديدة على الإنترنت لتستخدمها شعوب أخرى غير الشعوب العربية.

 

نُشر هذا المنشور على شبكة التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) في كانون الثاني/يناير 2017. ويمكن التعليق عليه في شكله الأصلي بالنقر على النص التالي: